بالأرقام: البنزين والمازوت بين التهريب إلى سوريا والتخزين في لبنان
كان من المقرر أن يشكل اعتماد الحكومة اللبنانية في شهر أيار 2020 سياسة دعم السلع الأساسية، أن يخفف من أعباء المواطن المادية، إلا أن النتيجة كانت فقدان هذه السلع نتيجة إعادة تصديرها إلى الخارج، حيث بات مشهداً مألوفاً وجود السلع المدعومة في افريقيا وأوروبا والدول العربية.
كما أدى تخزينها من قبل التجار تحسباً لغلاء أسعارها، لإعادة بيعها على السعر الجديد.
أما الملف الشائك بحسب دراسة أعدتها “الدولية للمعلومات”، فهو التهريب إلى سوريا لا سيما تهريب البنزين والمازوت في ظل شح ونقص كبير في هذه المواد في سوريا.
الدراسة استندت إلى حجم وقيمة استيراد المشتقات النفطية خلال الأعوام 2012-2020 لنظهر مقدار الزيادة من حيث الحجم والقيمة وتحديد نسبة النمو السنوية وصولاً إلى تقدير حجم التهريب إلى سورية. ففي السنوات السابقة للأزمة السورية كذلك في السنوات الأولى للأزمة كان التهريب ناشطاً من سورية إلى لبنان كون سعر المشتقات النفطية لاسيما المازوت سعره في سورية أدنى منه من لبنان.
جدول يبين حجم وقيمة استيراد المشتقات النفطية 2012-2020، استناداً إلى الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للجمارك اللبنانية في السنوات المذكورة.
تكشف العديد من الوقائع الميدانية وجود عمليات تهريب للمشتقات النفطية من لبنان إلى سوريا بعدما كانت في الماضي من سورية إلى لبنان، ومن الصعب معرفة حجم المشتقات النفطية التي يتم تهريبها سنوياً، ويمكننا من خلال الأرقام الواردة في الجدول وضع الاستنتاجات التالية:
بين العامين 2018-2019 ارتفع استيراد البنزين بمقدار 89,316 طناً بنسبة 4.4% في حين أن الاستيراد تراجع في العام 2018، والزيادة بين العامين 2016-2017 كانت 5,025 طناً أي بنسبة 2.0%، والزيادة بين العامين 2015-2016 كانت 137,034 طناً أي بنسبة 2.7%.
ومن الطبيعي أن يتراجع الاستهلاك في العام 2020 نتيجة الإغلاق بسبب كورونا. وهكذا يمكننا تقدير حجم تهريب البنزين إلى سورية في حال اعتماد النسبة الأدنى لنمو الاستيراد 2.0% بنحو 5 ملايين صفيحة من البنزين تصل كلفة دعمها إلى نحو 35 مليون دولار.
في العام 2019 ارتفع استيراد المازوت والفيول بشكل كبير والقسم الأكبر يستهلك في توليد الطاقة الكهربائية في معامل مؤسسة كهرباء لبنان وفي تشغيل المولدات الخاصة. إذ ارتفع الإنتاج من 15 مليار كيلو وات/ساعة في العام 2017 إلى 15.2 مليار كيلووات/ساعة في العام 2018 وانخفض في العام 2019 إلى 14.8 مليار كيلو وات/ساعة وإلى 12.3 مليار كيلو وات/ساعة في العام 2020 ما يكشف عن تراجع في انتاج الكهرباء الذي كان يفترض أن يؤدي إلى خفض الاستهلاك في المعامل وزيادة استهلاك المولدات الخاصة، فحجم كميات الفيول والمازوت المستوردة في العام 2018 بلغ 3.6 مليون طن وارتفع إلى نحو 9 ملايين في العام 2019 قسم من هذه الزيادة كان للمولدات والقسم الأكبر تهريباً، ولا نستطيع ان نقدر حجمه ولكنه قد يصل إلى نحو 28 مليون صفيحة تصل كلفة دعمها إلى نحو 200 مليون دولار.
إذا كانت المقاربة لهذا الموضوع صحيحة يأتي السؤال أذاً أين تذهب كميات المازوت والبنزين غير المستهلكة؟ الجواب أن بعض شركات الاستيراد والتوزيع والمحطات تقوم بتخزين ما أمكنها لبيعها لاحقاً بعد رفع الدعم، كما أن العديد من المواطنين قد سلكوا الطريق نفسها.